التاريخ و الجغرافية

الموقع الجغرافي

تنتمي عمالة مكناس لجهة فاس-مكناس حسب التقسيم الجهوي الجديد لسنة 2015  ، وتقع  شمال المملكة على بعد 140 كلم شرق العاصمة الرباط ، وغرب مدينة فاس  و يبلغ عدد سكانها حسب احصاء 2014   835695 نسمة .

وتتواجد على هضبة، يصل ارتفاعها إلى 600 متر تقريبا،  تطل على واد بوفكران وواد ردوم. وتشغل منطقة تماس وإلتقاء بين سلسلتين جبليتين، قبل الريف والأطلس المتوسط الغربي. ناحية الشرق، تلتقي هذه الهضبة مع الممر زكوطة و واد سبو، أما ناحية الغرب، فهذه الهضبة تمتد على طول الهضاب والسهول الأطلسية. هذا الموقع المتميز هو سبب تسمية مكناس بـ: " نقطة تحول المغرب ". يستفيد الإقليم من مناخ أطلسي يتأثر بالأطلس المتوسط والمحيط الأطلسي. و تختلف التساقطات بالمنطقة (بين 400 و 500 ملم/سنويا). كما تستفيد من أراضي خصبة. و تخترق العمالة عدة وديان اهمها  واد أبو اسحاق، ويسلان وبوفكران.

التاريخ

 تذكر كتابات المؤرخين أن مكناس، ازدهرت خلال حكم المرابطين، الذين أقاموا بها «القصبة المرابطية» ومسجد «النجارين»، وأحاطوها بسور. وخلال حكم الموحدين، عرفت المدينة ازدهارا عمرانيا أكبر، حيث تم توسيع المسجد الكبير، كما تم تزويد المدينة بالماء، بواسطة نظام متطور لتلبية حاجيات الحمامات والمساجد والسقايات، وظهرت أحياء جديدة، مثل حي «الحمام الجديد» وحي «سيدي أحمد بن خضرة». وخلال الحكم المريني، شهدت المدينة استقرار عدد كبير من الأندلسيين، ممن قدموا إليها بعد سقوط الكثير من حواضر الأندلس.

و قد أخذت اسمها من قبائل «مكناسة» الأمازيغية، خلال القرن العاشر، إحدى العواصم التاريخية الأربع للمغرب، إلى جانب مدن فاس ومراكش والرباط. وهي تعرف بلقب العاصمة الإسماعيلية، استحضارا للتاريخ وللسلطان العلوي المولى إسماعيل، الذي حكم المغرب ما بين 1672 و1727، والذي جعل منها عاصمة ملكه، وكرس سنوات حكمه الخمسين ليجعل منها أجمل مدن المغرب والعالم في ذلك الوقت.

ولعل المآثر التاريخية التي توجد بمكناس تبقى خير شاهد على أصالة هذه المدينة وثراء حضارتها، التي تستمد جذورها من أعماق التاريخ المغربي، سواء بأسوارها وأبراجها وبساتينها وقصورها ومساجدها وسقاياتها وساحاتها ومآذنها وزواياها وأزقتها، أو بعادات وتقاليد أهلها.

ومكناس، عاصمة عريقة تزخر بمعالم تاريخية كباب   المنصور و قبة السفراء، حيث كان مولاي إسماعيل يستقبل المبعوثين الدبلوماسيين. و احياء مختلفة سميت بالحرف المزاولة فيها  " سكاكين نجارين الحدادين الصباغين ... إلى جانب أهميتها التاريخية، هي منطقة فلاحية تشتهر بأشجار الزيتون و الكروم .
وقد عمل السلطان المولى إسماعيل على اقامة حدائق وإسطبلات للخيول ومخازن للحبوب، وصهاريج لتزويد الأحياء بالماء، كما أحاط المدينة بسور تتخلله عدة أبراج عمرانية ضخمة وأبواب تاريخية كـ«باب منصور»، حتى إن طول السور بلغ أكثر من 40 كيلو مترا، وانفتح على أكثر من خمسين بابا، فيما كانت الأسواق منظمة وتعرف حسب نوع الحرفة والصنعة.  

وتتميز مكناس  بخصوصيتها التي تعود  إلى تأثير الفن والثقافة الأمازيغيين، لكنها تبقى مطبوعة بآثار الحضارة العربية الإسلامية: الزليج والأسقف المزخرفة والثريات بألوانها الناصعة والرخام المزركش والقفاطين والحلي الذهبية والزرابي.

وكان الكاتب الفرنسي ميشيل جوبير، قال عن مكناس، إنها «أميرة وسط أشجار الزيتون. بدوية ومتحضرة وفنانة متمرسة، وحدهم عشاقها يفهمونها».
ويبقى بوفكران  رمز المقاومة و الاستقلال و مدينة مولاي إدريس زرهون مهد الدولة الإدريسية من الايقونات الحضارية و التاريخية لعمالة مكناس.

وتعتبر مدينة وليلي الأثرية، أو فوليبليس، التي بنيت في القرن الثالث قبل الميلاد، من أهم المواقع الأثرية بالمغرب، كما تعد واحدة من أشهر الحواضر القديمة في حوض البحر الأبيض المتوسط، ولذلك صنفت ضمن التراث الإنساني العالمي.

وتوجد وليلي بالقرب من مدينة زرهون، إحدى أولى المدن الإسلامية في منطقة شمال أفريقيا، وكان اتخذها مولاي إدريس الأول، مؤسس الدولة الإدريسية بالمغرب، مقرا لحكمه.